تعمّد أحد جنود الاحتلال تكرار المناداة على الحاجة فرحة، محرّفاً اسمها: “فرخة.. فرخة”، فردّت عليه: “فرخة! بس أنجبت ديوك يلعنوا أبوك”. هذه الحادثة حصلت حين زارت الأم ولديها الأسيرين نائل وعمر البرغوثي في السجن. تُذكر هذه الحادثة على لسانها في إحدى المقابلات معها، لتأكيد الإرادة عند عائلة فلسطينية بأكملها. وما يميز هذه الأسرة أن عميد الأسرى انتمى لحركة “فتح” في السبعينيات وجناحها العسكري “العاصفة” وكان اسمه الحركي أبو اللهب، بينما شقيقه عمر (أبو عاصف) انتمى لحركة “حم|س” وكان أحد مؤسسي “كتائب الق،،،سام” في الضفة المحتلة. رحل أبو عاصف، قبل أيام متأثراً بإصابته بفيروس كورونا، ليلتحق بأبنه الشهيد صالح؛ وما زال نائل في زنازين الاحتلال. أسرة البرغوثي الكريمة، نموذج مميز لغالبية العائلات والبيوت الفلسطينية التي تضم انتماءات حزبية مختلفة وتوجهات أيدولوجية متنوعة، وبالتالي هذا مجتمعنا الفلسطيني. وعلى الرغم من الانقسام السياسي والجغرافي البغيض منذ عام 2007، لم تتمزق العائلات وبقيت صلات القربى أقوى من تداعيات الانقسام. وحانت الآن فرصة ذهبية لإعادة الوئام والتعاون بدل الانفصام والانفصال والتباعد. ولعل الاتفاق الفصائلي على إجراء الانتخابات العامة تكون مقدمة للوحدة، لكنها ربما تكون أيضا لغماً اخر يتفجر في طريق المصالحة والمسامحة. لذلك أن تكون “قائمة مشتركة” للترشح بين الفصيلين الأكبر وبمشاركة فصائل أخرى، بارقة أمل على ضمان استكمال المسار الانتخابي بنسخه الثلاثة والقبول بالنتائج وتأليف حكومة وحدة وطنية. وإذا نجحت “القائمة المشتركة” ترشحاً وانتخاباً يمكن الاتفاق لاحقاً على برنامج وطني سياسي موحد وإعادة بناء منظمة التحرير، وهذا الأهم. وكذلك بالنسبة للأمور الإجرائية الأخرى يمكن أن تلقى حلولاً مثل إتاحة المجال للعمل التنظيمي في الضفة والقطاع، وإنهاء إجراءات السلطة بالنسبة لغزة، وملف الموظفين العالق،..الخ. ولعل هذه المرحلة تحتاج قرارات صعبة وتنازلات كبيرة من الجميع، فبدل إدارة الانقسام والرغبة في التقاسم يجب طي صفحة 14 عاماً لمواجهة مخططات الاحتلال بكل قوة وصلابة. وربما عيب “القائمة المشتركة” هي نزع الديمقراطية والتعددية في الانتخابات، لكن التوافق الوطني أهم من التنافس حالياً والمرجعية السياسية الواحدة أفضل من التفرد والانفراد في مصير القضية. ومن حقه أن يقول قائل: “اختلفوا ومن ثم تحالفوا”، وهذا صحيح لكن الأفضل هو الاعتراف بالخطأ وتصحيحه قبل أن يقول أخر: “تفرقوا فقضي عليهم”.#تفاعل#وداعا_أبو_عاصف