/
الأرشيف الفلسطيني… معركة ذاكرة من أجل المستقبل
مايو 1, 2021 3:46 م
مشاركة الصفحة
بقلم:أيهم السهلي : صحافي فلسطيني وعضو تجمع الإعلاميين الفلسطينيين في لبنان

قريباً من شارع السادات في بيروت، ما زال مبنى “مركز الأبحاث الفلسطيني” محروقاً منذ تفجيره يوم 5/2/1983، منذ ذلك الوقت بدأت عملية البحث عن أرشيفه. فقد نهبت قوات الإحتلال الأسرائيلي محتوياته في أيلول 1982 ونقلتها الى الداخل المحتل “بمساعدة خبراء إسرائيليين في التوثيق وعلم المكتبات” كما يؤكد الباحث والأكاديمي الراحل سميح شبيب، في كتابه “مركز الأبحاث الفلسطيني، الذاكرة الضائعة” .فعل الاحتلال ذلك، لأنه يدرك دور المواد والوثائق التي توفرت فيه، لمواجهة وجوده بالرواية التاريخية والناحيتين القانونية والسياسية. ولم يتوقف الاحتلال عند هذا الحد، فما نهبه خلال أحداث النكبة وما وثقه جنوده وقادته في تلك الفترة، وضع تحت مسمى”سري للغاية”، ويشرف عليه قسم “مالماب” (القسم الأكثر سرية في وزارة الأمن الإسرائيلية) حسب تقرير لمعهد “عكيفوت لبحث الصراع الإسرائيلي/ الفلسطيني”، يشير الى أن “مالماب” أتلف وثائق تاريخية بشكل غير قانوني، ومن دون الحصول على التصاريح اللازمة لذلك .يحصل ذلك ضمن مؤسسات دولة الاحتلال، بينما في المقابل يعمل فلسطينيون في أماكن مختلفة لجمع شتات الذاكرة الفلسطينية المنهوبة وبعض دلائلها المادية، ولحسن الحظ إن جزءاً كبيراً من هذه المواد موجود في بعض الدول العربية وأوروبا، حيث يعمل الباحث الفلسطيني الدكتور بشار شموط، صاحب كتاب “الإرث الفلسطيني المرئي والمسموع، نشأته وتشتته والحفاظ الرقمي عليه: دراسات أولية وتطلعات مستقبلية” الصادر حديثاً عن مؤسسة الدراسات الفلسطينية، وفيه ملخص عن مشروع انطلق فيه من البحث عن أرشيف مرئي ومسموع يتعلق بفلسطين. عثر شموط، على مواد عديدة في الأرشيف الألماني وفي عدد من الدول الأوروبية، فوجد مثلاً في “المتحف الإثنولوجي” في برلين، اسطوانتين للمغني الفلسطيني رجب الأكحل، وهو قريب أمه الفنانة الفلسطينية تمام الأكحل. ويعتبر شموط، في حديث لـ”جسور” أن “من يهيمن على الذاكرة الجماعية وعلى الأرشيفات يهيمن على تشويه التاريخ بالشكل الذي يريده. وهذا ما يحدث في أوروبا وأميركا تجاهنا”. ويوضح أن فكرته “ترتكز على ربط الأرشيفات الفلسطينية المختلفة مع بعضها في بنك معلومات رقمي وموحد مع دعم استقلالية كل منها”. ويقول عن إمكانية حل مشكلة تجميع شتات الأرشيف الفلسطيني: “ممكن وهو الهدف أصلاً، لكن هذا يتطلب التكافل في الإمكانيات والاختصاصات من قانونيين وتقنيين وأكاديميين ومتخصصين في الارشيف.” [1] سميح شبيب “مركز الأبحاث الفلسطيني، الذاكرة الضائعة”: https://bit.ly/2VlUKtE [1] تحقيق لصحيفة هآرتس “طمس النكبة… – كيف تخفي إسرائيل الأدلة على تهجير العرب عام ١٩٤٨ بطريقة ممنهجة” www.rommanmag.com/view/postsيواجه شموط تحديات كبيرة في مشروعه” فالمخطط موجود لكن ينقصه التمويل والبحث عن الشخصيات والمؤسسات المناسبة لتنفيذه”، كما يقول. مشروعه لرقمنة الأرشيف الفلسطيني ليس ضرورة فقط بحكم التطور التكنولوجي الموجود في العالم، إنما لأن الفلسطينيين يعيشون في شتات، وإمكانية الوصول للمعلومات تبدو غاية في الصعوبة، خصوصاً وأن المؤسسات الرسمية الفلسطينية سواء التابعة لمنظمة التحرير أو للسلطة الفلسطينية المنبثقة عنها، لا تعمل على استعادة ما يمكن انقاذه من أرشيف مركز الأبحاث الضائع في الجزائر بعد استرداده ضمن عملية تبادل الأسرى الشهيرة عام 1983، كما أن أرشيف السلطة يتعلق بمرحلة ما بعد أوسلو، ولكنه وعلى أهميته، يوثق تاريخاً بدأ منذ العام 1994.ونظراً لوجود هذه المعضلة الفلسطينية التي لا بد من حلها عاجلاً أم آجلاً، تسعى مبادرات مختلفة لتوثيق ما يمكن جمعه من ذاكرة الشعب الفلسطيني في الداخل والشتات، كمبادرة “خزائن” التي أطلقها الباحث فادي عاصلة، ولها عدد من المندوبين الفاعلين في شتى أنحاء العالم، لتعنى بكل ما هو فلسطيني وعربي. وتسعى هذه المبادرة التي انطلقت من القدس في تشرين أول/أكتوبر 2016 إلى “بناء أرشيف مجتمعي يوثق الحياة العربية اليومية وقصص الناس” . وترى أنه “لا يمكن للأرشيف وحده أن يساهم في نهضة المجتمعات العربية من دون أن يرافق وجوده مركز دراسات يدعمه، ومكتبة تضيف ما لا توفره المنشورات”، وفقاً لما تذكره على موقعها الالكتروني(4).ولعل ما ذهبت إليه “خزائن” ينسجم تماماً مع أراشيف رقمية أخرى، تعمل عليها مؤسسات أكاديمية وبحثية وازنة، كموقع “المشاريع الرقمية” التابع لمؤسسة الدراسات الفلسطينية، ومشروع “الأرشيف الرقمي الفلسطيني” لجامعة بيرزيت، وموقع “بوها” “POHA” الذي أنشأته مكتبة الجامعة الأميركية في بيروت عام 2019 لمواد تم تسجيلها على مرّ سنوات طويلة من قبل مركز “المعلومات العربي للفنون الشعبية” (الجنى) و”أرشيف النكبة” العاملين في بيروت.[1] و (4) موقع خزائن الإلكتروني: https://www.khazaaen.org/ar/node/310تبقى هذه الجهود مهمة وعصرية وضرورية لمصلحة القضية الفلسطينية، ولكن ما لم يشيد لها مؤسسة عاملة لضم المواد كلها وجمع الضائع والمسروق منها، وتوفيرها للباحثين خاصة والعامة أيضاً، فإننا أمام مصيبة أخرى، هي ضياع جزء من تاريخ فلسطين وشعبها، ليصبح السؤال الآن ولاحقاً، من ضيَّعه؟ فالتاريخ إذا وثق علمياً يربح الشعب الفلسطيني معركة الرواية ويصبح لديه مستندات قانونية، فالتاريخ يصنع المستقبل اذا استخدم بالطرق الصحيحة.تقدر محفوظات الأرشيف الإسرائيلي الخاصة بفلسطين، بما يعادل 40 كلم طولاً. وتحتفظ بملفات كثيرة يعود بعضها إلى العهد العثماني، وتمتد من سنة 1815 حتى سنة 1917. وتشمل أيضاً عدداً كبيراً من ملفات الحكومة والمؤسسات العامة من أيام الحكم العسكري والانتداب البريطاني على فلسطين (1917 – 1948). بالاضافة الى الكثير من الوثائق والمخطوطات والكتب التي نهبتها اسرائيل من المؤسسات الفلسطينية ومكتبات خاصة وعامة، ونقلت معظمها إلى “المكتبة الوطنية” في غرب القدس. كما سيطرت على أوراق دوائر الحكومة الانتدابية، وأرشيفات المؤسسات الفلسطينية الفاعلة منذ أيام الحكم العثماني والانتداب البريطاني، كأرشيفات المحاكم الشرعية والمحاكم المدنية والبلديات والأوراق الخاصة لعائلات وقيادات فلسطينية. كما ونقلت للأرشيف الإسرائيلي كميات كبيرة من وثائق المجلس الإسلامي الأعلى ووثائق الهيئة العربية العليا.#جسور#لجنة_الحوار_اللبناني_الفلسطيني#تفاعل




تحميل...