/
أبو حسن : لست اللبناني الوحيد في المخيم
مايو 1, 2021 3:37 م
مشاركة الصفحة
بقلم:ناديا فهد : صحافية فلسطينية وعضو تجمع الإعلاميين الفلسطينيين في لبنان
  • هو لبناني من صور، وهي لاجئة فلسطينية في مخيم الرشيدية جنوبي المدينة. قبل أكثر من ستة أعوام، تعرّف أبو حسن على زوجته، وبدأت قصة حب تكلّلت بالزواج، على الرغم من اعتراض عدد من أفراد عائلتيهما، خصوصاً أنهما قررا السكن داخل المخيم. لكن لولا هذا القرار، يقول أبو حسن “ما كنت لأستطيع أن أتزوج أصلاً، لا سيما في ظل الظروف الاقتصادية والمعيشية الصعبة”. ويضيف: “لست اللبناني الوحيد هنا، نسبة المصاهرة بين سكان المخيم والجوار ملحوظة نسبياً، وهناك الكثير من الأسر اللبنانية مقيمة داخل المخيم منذ عقود”. الحياة داخل المخيم أكثر أمناً كعادته، وكما في نهاية كل أسبوع، يتحضر أبو حسن للذهاب في رحلة لصيد السمك من “بحر الرشيدية”، مع صديقه وجاره الذي تزوج هو الآخر من فلسطينية. يشتري المناقيش من فرن “أم طارق” قبل أن يتجه نحو منزله القائم عند مدخل المخيم القديم، هناك الجميع يعرفونه بـ”أبو حسن اللبناني”، أو كما يحبون أن ينادوه بـ”جار الرضى”. يشكل هذا الروتين الأسبوعي متنفساً للشاب العشريني الذي يعمل لساعات طويلة كموظف في إحدى مواقف السيارات الخاصة في المنطقة. وفي بعض الأحيان إذا حالفه الحظ، يعود لأسرته بوجبة سمك دسمة. يشعر أبو حسن، بالأمان داخل المخيم، فالوضع الأمني هنا كما يرى “أقل خطورة من الخارج، حيث تشهد مناطق لبنانية عدة ارتفاعاً ملحوظاً في أعمال النهب والسرقات والتعديات، أما في المخيم فلا حوادث مشابهة حتى اللحظة”. وما يخفف عن كاهل السكان هنا في المخيم، وجود وكالة “الأونروا” وجمعية “الهلال الأحمر الفلسطيني” وعدد من المؤسسات والجمعيات الاجتماعية والخيرية، التي تقدم خدماتها ومساعداتها لعدد كبير من الأسر. ولكن مع استمرار تداعيات أزمة كورونا، وتدهور الأوضاع الاقتصادية والسياسية في البلاد والارتفاع الجنوني للأسعار، تزداد مخاوف الأب على أسرته، فراتبه المتواضع بالكاد يكفي لتغطية وتأمين الاحتياجات والمستلزمات الضرورية.”لن أزوج ابنتي من فلسطيني أبدا”واقع لم يعد يطاق بالنسبة لأبي حسن. يطبع قبلة على خد طفلته ذات الخمسة أشهر، ويقول “أترين ابنتي هذه من المستحيل أن أزوجها من فلسطيني”، مبرراً قوله بإدراكه مدى مظلومية اللاجئ الفلسطيني في لبنان وحرمانه من أبسط حقوقه الإنسانية، ولأن ابنته لن تتمكن من إعطاء الجنسية اللبنانية لزوجها وأبنائها، بسبب القوانين اللبنانية التي تحرم المرأة من منح جنسيتها، يعني ذلك أنها ستعاني من ظروف معيشية صعبة وحرمان كبيرين. توافقه أم حسن القول، وتوضح أنها وزوجها حريصان على تعليم ابنهما التحدث باللهجة اللبنانية بالأخص خارج المخيم، منعاً لأي موقف تمييزي قد يتعرض له في المستقبل بسبب لهجته الفلسطينية. وتفادياً لهذا السيناريو المستقبلي المتخيل، أو إلى حين صلاح الأمور، لا يرغب أبو حسن اليوم إلا بأمر واحد وهو الهجرة من بلد يُظلَم فيه أبناؤه واللاجئون على حد سواء.غربة لبنانية خارج المخيمفي مخيم برج البراجنة في بيروت، تستذكر سميرة حمود العينا، رحلة ارتباطها بلاجئ فلسطيني. ارتباط لم يكن سهلاً أبداً بالنسبة لشابة لبنانية من قرية كفردونين، إحدى قرى قضاء مدينة صور الجنوبية. فزواجها من رجل يكبرها بنحو عشرين عاماً، لم يكن السبب الوحيد لرفض الأهل وعدم منح المباركة لخطوة ابنتهم، بل “لأنه كان أيضا فلسطينياً وسنيّاً”. وحين رضخت الأسرة لإصرار سميرة، وتمت مراسم متواضعة للزفاف، حصل ذلك تفادياً لاعتقاد الناس أن ابنتهم ذهبت خطيفة. كما توضح سميرة، وهي تتأمل صورة زوجها الراحل المعلقة على أحد جدران غرفة المعيشة حيث تقضي معظم وقتها مع أحفادها، وتعلِّق “لم أندم يوماً على قراري بالارتباط به، لقد عشت معه أجمل أيام عمري، ولو عاد بي الزمن إلى الوراء لما غيّرت شيئاً”. على مدى أكثر من ثلاثة عشر عاماً من زواجها، عانت سميرة من قطيعة شبه كاملة من قبل أهلها وأقاربها، خصوصاً بعد أن روّجت العائلة أن ابنتها تسكن بعيداً في البقاع. كان أخ واحد فقط يتعاطف معها ويدعمها، ومن خلاله كانت تعرف آخر أخبار أسرتها. ومنه كان الأهل يعرفون أخبارها. وبالكاد كانت تتم زيارات متبادلة لم تخلُ من العتب واللوم، تارة بسبب عدم رغبتهم بالدخول إلى المخيم، وطوراً بسبب تحدث بناتها الثلاثة بلهجة فلسطينية. بعد وفاة زوجها في العام 2002، تواصلت معها عائلتها وترجّتها لتخرج من المخيم والعيش معهم، لكنها أصرت على البقاء في منزلها، حتى أنها رفضت كل من عرض عليها الزواج للتفرغ لتربية بناتها. فبيئة المخيم هي بيئة والد بناتها، وهناك يتملكها شعور بالراحة والاطمئنان، حتى أنها – وفق تعبيرها – تشعر بالغربة خارج المخيم. غربة تتفاقم في ظل استمرار حرمانها من حقها بمنح جنسيتها لبناتها. تروي ابنتها الصغرى معاناتها في إيجاد فرصة للعمل لكونها فلسطينية، رغم أنها تحمل شهادة جامعية، “أنا مثل ماما، الفلسطينية بيحسبوها عاللبنانية، واللبنانية بيحسبوها عالفلسطينية”. #جسور#لجنة_الحوار_اللبناني_الفلسطيني#تفاعلhttp://www.lpdc.gov.lb/cat/LPDC-Article/608/ar



تحميل...