/
ذكرى احتلال بلدته ترشيحا
مارس 26, 2020 11:07 ص
مشاركة الصفحة
بقلم:صابر حليمة

في مثل هذه الأيام، منذ 71 عاماً، هُجّر جدي صابر محمد حليمة (19 عاماً) وجدتي عائشة حسين قدورة (16 عاماً) من قريتهما ترشيحا الواقعة في الجزء الشمالي الشرقي من مدينة عكا بعد قصف عنيف قاده الإرهابي إيبي ناتان وراح ضحيته العشرات ضمن ما سمي بـ “عملية حيرام” والتي هدفت لاحتلال ما بقي من لواء الجليل الغربي.

أكمل جدي دراسته حتى الرابع الإبتدائي في مدرسة القرية الوحيدة، إلا أنه تركها بعد أن ضرب مديرها بسبب تحيزه مع ابنه ضد جدي (كما حدثتني عمتي)، ثم عمل مع أبيه (الذي كان يعزف الرّبابة في الأعراس أيضاً) في بيع السكاكين.

أما جدتي عائشة، فكانت “دلوعة” أبيها، الميسور الحال، وذلك لأنها ولدت بعد وفاة 3 أو 4 أولاد قبلها، وحين وضعتها أمها قرر أن يسميها عائشة.. وعاشت فعلاً.

اقتحم الصهاينة القرية واحتلوها في 30 تشرين الأول أكتوبر 1948 بعد معارك عنيفة استبسل فيها أهالي القرية، لتبدأ بعدها رحلة تهجير المخطوبيْن صابر وعائشة في حلب حيث تزوجا، إلا أن شقيقة جدي لم يناسبها الطقس هناك فمرضت، فقررت العائلة، بعد نصائح متعددة، الذهاب إلى بيروت. وهكذا أكملوا الرحلة إلى بيروت، وتحديداً برج البراجنة.

عمل جدي بداية في حرث الأراضي وزرعها، ثم في قطف البرتقال وفواكه أخرى لصالح شركة “أبيلا” المملوكة من قبل عائلة سابا. بعد سنوات، ترك العمل بسبب مرضه وتأخر القبض إبان أزمة 1958. وهكذا، فتح دكاناً لبيع الخضراوات في آخر نزلة أبو فيصل في مخيم برج البراجنة من جهة شارع العنان. بعد فترة، أغلق الدكان وبقي عاطلاً عن العمل لأشهر، إلى أن عمل (في الستينيات) ناطوراً لبناية اليمامة الواقعة في نزلة مدرسة الـ IC في رأس بيروت. وبقي فيها إلى أن توفي رحمه الله.

خلال أيام الحروب في لبنان، وتحديداً خلال الحرب الأهلية والاجتياح الإسرائيلي، استقبل جدي عشرات اللاجئين من مخيم برج البراجنة في ملجأ البناية، كما أنه أمدّ المنطقة بالمياه بعد انقطاعها، لوجود بئر في البناية، فيما كانت جدتي تخبز على “الفرنية” وتوزع الخبز في المنطقة عقب إغلاق الأفران.

توفي جدي في 7 تموز يوليو عام 2003، وجدتي في 15 من الشهر ذاته عام 2012 خلال زيارة ابنها في أبو ظبي.

هذا جزء يسير مما عرفته عن حياة جدي وجدتي في مراحل عمرهما القاسية في أغلبها.. وتبقى محاولة لإحياء ذكراهما وذكرى سقوط ترشيحا..




تحميل...