/
شباب على حافة الريح
مارس 26, 2020 11:05 ص
مشاركة الصفحة
بقلم:أيهم السهلي

قبل نحو ثلاثة أشهر، بدأتُ العمل على تحقيق صحفي يختصّ بموضوع فلسطيني راهن على مستوى مخيمات لبنان ألا وهو “هجرة الشباب”.
خلال العمل على التحقيق، واجهتني عدة معضلات لم يكن من السهل تجاوزها أو اعتبارها مجرد وقائع، يمكن إضافتها إلى أسباب الهجرة الكثيرة التي تدفع الشباب الفلسطيني اللاجئ في لبنان إلى الخروج بلا عودة.
كان من بين هذه المعضلات أزمة البطالة المستفحلة في المخيمات والتي تبدو واضحة بمجرد عبور بعض الزواريب في أي مخيم ومشاهدة الكثير من الشباب بأعمار مختلفة يجلسون أو يقفون عند ماكينات القهوة، أو عند المداخل وبعض التجمعات الشبابية.
فاتني أن أخبركم أني من سكان المخيمات، والسؤال الذي يراودني طيلة عمري الذي قضيته بين مخيمات سوريا ولبنان، هو عن إمكانية الاستمرار بهذا الشكل من الحياة داخل المخيمات؟!
الإجابة عادة ما تحمل رؤى مختلفة، بداية أن الحياة في المخيمات لن تستمر على ما هي عليه الآن، وأن تغييرًا حقيقيًّا سيحدث في يوم ما.
س.ح شابّة فلسطينية تسكن في مخيم برج البراجنة، درست الصيدلة في إحدى الجامعات اللبنانية، لكن واقعها كطالبة رغم صعوبته من ناحية تأمين نفقات إتمام التعليم، اختلف تماما عن الواقع اليومي بعد تخرجها، إذ لم يكن ممكنا على الإطلاق أن تعمل بشهادتها في لبنان، نظرًا للقوانين التي تحظر على اللاجئ الفلسطيني العمل بنحو 36 مهنة، منها الصيدلة والطب والهندسة والمحاماة، وغيرها من المهن.
تعتبر س.ح أن المشكلة تكمن تحديدًا بالظروف القاهرة التي يعاني منها اللاجئ الفلسطيني، والتي باتت تحتاج إلى حراك حقيقي من أجل التغيير، وإلا فالمعظم سيجرب طرقًا أخرى للعيش منها الهجرة، رغم أنها تؤكد عدم رغبتها بمثل هذه الطريق.
“التغيير ربما يبدأ بإقرار الحقوق المدنيّة للاجئين الفلسطينيين في لبنان” هكذا قالت س.ح، وأضافت أن السماح لها بالعمل في صيدليات المدينة أو أحد المستشفيات، يعني أن جزءًا من الإشكالات المعيشية ستذهب إلى حال سبيلها، وستصبح أوضاع اللاجئين أسوة باللبنانيين.
ومثل غيرها من اللاجئين الفلسطينيين في لبنان تؤكد س.ح، رفضها الكامل للتوطين، وتؤكد أنها إن هاجرت، أو استقرت في لبنان بشروط إنسانية، فهي تفعل ذلك بشكل مؤقت ريثما تتحقق العودة.
مثلها ع.أ الذي يسكن في مخيم مار الياس، إذ يعتبر أن التوطين يجب أن لا يكون إشكالية، خاصة أن تجارب الشعب الفلسطيني التاريخية واضحة للعيان، لا أحد يريد أن يبقى في المخيم، الكل يريد إما العودة إلى فلسطين أو الذهاب إلى أوروبا والعودة من هناك عبر الجنسية الجديدة.
ويضرب ع.أ مثالاً عن اللاجئين الفلسطينيين في سوريا، الذين كانوا يعيشون بحقوق شبه كاملة، إلا أنهم مع اشتداد الأحداث ودخول مخيم اليرموك على خط الأزمة السورية، هاجروا إلى أوروبا.
ويذكر أن عددًا من الفلسطينيين السوريين ممن نالوا الجنسيات الأوروبية ذهبوا إلى فلسطين المحتلة في محاولة لدخولها، بعضهم نجح، وبعضهم منعه الاحتلال من الدخول.
ويوضح ع.أ أن مشكلة الفلسطينيين لا تكمن فقط في الحقوق المطلوب تأمينها لهم، إنما المشكلة بخلق آليات لعودتهم إلى ديارهم وفقًا للقانون الدولي أو أي قوانين أخرى.
واقع الحال يدلل على مأساة حقيقية يعيشها اللاجئ الفلسطيني في لبنان، وعدم طرح الأمور كما هي سيترك الأمور على حالها، بل وسيفاقمها، وسيترك الباب مشرّعًا من أجل الوصول إلى حلول واقعية لفلسطينيين لم يعرفوا إلا التدهور في واقعهم المعيشي والإنساني.




تحميل...