/
المخيّمات تواجه “كورونا” بالوعي والتكافل الإجتماعي
سبتمبر 4, 2020 4:03 م
مشاركة الصفحة
بقلم:lميرنا حامد \ منشور في مجلة جسور

ما إن أعلنت وزارة الصحة اللبنانية عن تسجيل أول إصابة بفيروس كورونا، وما تبعها من حالة تعبئة عامة وطوارئ صحيّة في البلاد، حتى سارع المعنيّون في اللجان الشعبيّة والصحيّة داخل المخيّمات الفلسطينيّة، للعمل على تحييد سكانها عن المخاطر المحدقة التي يمكن ان تطاول اللاجئين في ما لو تفشّى الوباء داخل المخيّمات. تكثّفت الحملات الإعلاميّة الفلسطينيّة للتوعية من خطر الإصابة بكورونا، وعملت مؤسسات “الأونروا” والهلال الأحمر الفلسطيني والهيئات الطبية والدفاع المدني على مدار الساعة لتنظيم حملات تعقيم وتوعية واسعة، رغم تعطّل الحياة العامة داخل المخيّمات وإغلاق المدراس والمساجد والمحال التجارية، كما هي الحال على جميع الأراضي اللبنانية. الإدراك الشعبي لخطورة المرحلة بدا واضحاً، والتخوّف كان سيّد الموقف لما يمكن أن تؤول إليه الأمور في حال اخترق فيروس كورونا بُنية المخيّمات المتصدّعة من أساسها. هذا الأمر ظهر جليّاً مع تسجيل عدد من الإصابات في مخيّمي الجليل في بعلبك والرشيديّة جنوب لبنان، إذ سارعت “الأونروا” والهلال الأحمر الفلسطيني إلى حصر الإصابات وعزل المصابين وتعقيم أماكن وجودهم.  البطالة والفقر…  إلى تضاعفلم يكن تسجيل عدد من الإصابات داخل المخيّمات مصدر خوف اللاجئين فقط، بقدر تخوّفهم من الدخول في حالة العوز الشديد من جرّاء الأزمات التي يعيشها لبنان منذ نهاية عام 2019، والضرر الإقتصادي المضاعف الذي خلّفته جائحة كورونا على المخيّمات، كما يحصل في العالم كله. وبحسب إحصاءات وكالة “الأونروا” عام 2015، سجلت نسبة البطالة في صفوف اللاجئين الفلسطينيين في لبنان 56%، أما نسبة الفقر فلامست 65%. تصاعدت هذه الأرقام بشكل ملحوظ الى 90% لا سيما بعد إجراءات وزارة العمل اللبنانية صيف العام الماضي، وما تبعها من تدهور في الأوضاع الإقتصادية في لبنان من جرّاء أزمه الدولار التي اندلعت في الخريف الماضي، الى ان اجتاح فيروس كورونا العالم. “فقدان الوظائف” هو عنوان المرحلة التي يعيشها اللاجئون منذ أواخر العام الماضي. هكذا وصف الناشط في العمل الشبابي والإغاثي حسام ميعاري الحالة الإجتماعيّة التي حلّت باللاجئين الفلسطينيين، “تحديداً منذ قرار وزارة العمل وما تلاها من إنتفاضة اللبنانيين”، معتبراً ان “جائحة كورونا جاءت لتفاقم المعاناة أكثر وترفع معدّل البطالة في صفوف اللاجئين”.  وأضاف: “سائقو التاكسي الفلسطينيين، على سبيل المثال، تأثروا بحالة التعبئة العامة وحظر التجوال وقرار العمل بأرقام المفرد والمجوز للسيارات، الأمر الذي انعكس تراكماً بدل استئجار سياراتهم رغم توقف أعمالهم وسوء أوضاعهم المعيشيّة”.  الأزمة طاولت أيضاً أصحاب المحلات التجارية في المخيّمات كالألبسة والمواد المنزليّة عدا الحِرف البسيطة كالحلاّقين ومن شابههم، وبات جميع سكان المخيّمات في خانة الفقر الشديد بعد كورونا”.  

التكافل الاجتماعي…مشاركة المعاناة
في ظل حالة العوز الشديد التي اجتاحت المخيمات، تداعت مجموعات شبابيّة فلسطينيّة وجمعيات خيريّة وفلسطينيّون يقيمون في الخارج، الى تنظيم سلسلة من المبادرات الفرديّة التي اندرجت ضمن إطار التكافل الإجتماعي، واتخذت أشكالاً متعددة من المساهمات الإنسانية لتخفيف حدّة أضرار كورونا الاقتصادية على اللاجئين، كالمسامحة في إيجارات البيوت أو إستيفائها بالليرة، وحملات توزيع الخبز والمعجّنات والخضروات الطازجة والمواد الغذائيّة والمساعدات الماليّة. واحدة من هذه المبادرات، قادتها إبنة مخيّم عين الحلوة في مدينة صيدا – جنوب لبنان، الناشطة الشبابيّة زينة شريدي، التي حازت على المرتبة الثالثة مع الفريق الذي تقوده في المؤتمر الشبابي لطلاب الجامعات في دول العالم، والذي أقيم في مقر الأمم المتحدة في نيويورك العام الماضي.   إتخذت شريدي من صفحاتها على وسائل التواصل الإجتماعي منبراً لإيصال معاناة اللاجئين الفلسطينيين في لبنان، وعملت على نشر أوضاعهم المعيشيّة السيئة وأحوالهم الصحيّة الصعبة.  تقول شريدي إن “المبادرة رغم بساطتها، استطاعت جمع أكثر من 10 ملايين ليرة لبنانية من مختلف دول العالم، ساهمت في سد عوز أكثر من 100 عائلة بحسب حاجاتها. فهناك عائلات تحتاج إلى معونات غذائيّة، وبعضها يحتاج إلى أدوية ومستلزمات طبيّة، والبعض الآخر يحتاج إلى مساهمات ماليّة بخاصة خلال شهر رمضان”. مبادرة أخرى شاركت فيها شريدي تحت عنوان “نحنا لبعض”، بادرت إليها عائلتها منذ شهر رمضان المبارك، وهي مستمرة حتى يومنا هذا عبر توزيع 250 سلة خضروات بشكل يومي داخل 4 أحياء في مخيّم عين الحلوة، لتشمل المبادرة قريباً مخيّمات صور وبيروت.  تؤكد شريدي، أن أهميّة التكافل الاجتماعي داخل المخيّمات الفلسطينيّة في لبنان تتمثل بـ”تعزيز الإحساس بمعاناة بعضنا البعض”، معتبرة أن “اللاجئين يعيشون ظلماً كبيراً، خصوصاً بعد قرار وزير العمل الأسبق كميل أبو سليمان، المتعلّق بإجراءات العمالة الأجنبيّة، وما تلاها من إنتفاضة لبنانيّة وأزمة اقتصاديّة وكورونا”. يرى ميعاري أن “المطلوب هو التبرّع بالمال ومشاركة وجبة الطعام اليومية، وهذا الأمر تعذّرت مشاركته بين الناس بسبب عدم توافره عند الغالبية العظمى من سكان المخيّمات. الاّ أن الحملات الإغاثيّة لا تزال متواصلة، لا سيما التي ينظمها فلسطينيّون يقيمون خارج لبنان، بالإضافة إلى بعض الميسورين داخل لبنان. لكن غياب السيولة وعدم إمكانيّة إرسال الأموال بالعملة الأجنبية، ساهما في تقليص تلك الحملات”.هذه المبادرات التكافليّة لا تتمتع بالإستمراريّة، ولا تكفي لسدّ الثغر والمتطلّبات المعيشيّة الأساسيّة، لكنها ضرورية خلال المرحلة المقبلة وتساهم في تجاوز مرحلة صعبة حالياً عنوانها “العوز” والتي يبدو أنها ستطول.

http://www.lpdc.gov.lb/DocumentFiles/Jouosur%20ISSUE%205-637339483430503820.pdf



تحميل...